الخميس، 1 نوفمبر 2012

الضياء والنور.

هناك من يستخدم كلمتي الضياء والنور مترادفتين بمعنى واحد, إلا أن بينهما فرق في الدلالة اللغوية.

سأدعم ذلك من خلال التأمل في بعض أيات القرآن الكريم.

تأملوا الآيات القرآنية الشريفة :

{ ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا‏,‏ وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا‏. } - سورة نوح‏:16,15 .‏


{ تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا } - سورة ‏ الفرقان‏:61‏


{ هو الذي جعل الشمس ضياءً والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون } - سورة يونس : 5

إن الطيف المرئي من مجموعة أطياف الطاقة الكهرومغناطيسية المنطلقة من الشمس هو ما يعبر عنه بضوء الشمس‏.


ولذا فإن الضوء عبارة عن تيار من الفوتونات المنطلقة من جسم مشتعل‏,‏ ملتهب‏,‏ متوقد بذاته سواء كان ذلك بفعل عملية الاندماج النووي كما هو الحال في الشمس‏ ونجوم السماء الأخرى, ‏ أو من جسم مادي تستثار فيه الإليكترونات من خلال عملية التسخين الكهربائي أو الحراري.

إن ضوء الشمس عند مروره في الطبقات الدنيا من الغلاف الغازي للأرض يتعرض إلى لعديد من عمليات الامتصاص والتشتت والانعكاس فيظهر بهذا اللون المعروف.‏

من ناحية أخرى, فإن ضوء الشمس يتعرض أيضا إلى العديد من عمليات التشتت والانعكاس عندما يسقط على سطح القمر , وكما معلوم فإن ‏ القمر جسم معتم لا ضوء له ولكن له القدرة على عكس أشعة الشمس فيبدو منيرا.

فالضوء هو ذلك الصادر من جسم مشتعل‏,‏ مضيء بذاته‏ , أما النور فهو الأشعة المنعكسة من جسم معتم يتلقي أشعة الضوء فيعكسها نورا‏.

‏ من هنا يتضح الفرق الدقيق بين ضوء الشمس ونور القمر‏, ولعله اتضح سر الإعجاز اللغوي القرآني في استخدام هاتين المفردتين في الآيات الكريمة المشار إليها سابقا.

تأملوا أيضا هذه الآية الشريفة :

{ قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلي يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون‏ } - سورة ‏ القصص‏:71

تأملوا الاستخدام القرآني الدقيق لمفردة ضياء في هذا المورد أيضا للدلالة على الضوء المنبعث من جسم مشتعل, ولم يستخدم القرآن الكريم مفردة نور, بل استخدام المفردة( ضياء ) التي تعطي وصفا دقيقا للصورة التي يود القرآن الكريم إيصالها إلى القارىء والمستمع.

وتأملوا هذه الأية القرآنية الشريفة من سورة البقرة :

{ يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا‏ ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم, إن الله على كل شيء قدير } - البقرة : 20

تأملوا الاختيار الدقيق لكلمة " أضاء" في هذا المورد, إشارة إلى الضوء الصادر عن البرق, وكما معلوم فإن سبب حدوث الضوء في حالات معروف من ناحية فيزيائية, فالضوء هنا ذاتي المنشأ, وليس انعكاسا على جسم آخر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق